يحتوي الكتاب علي:-
محتوى كتاب الأسلوب القرآني
يأتي هذا الكتاب كدراسة بعنوان: “الأسلوب القرآني.. وهي دراسة موضوعية وتحليلية”، محاولةً لاستكشاف جوانب جديدة في إعجاز الأسلوب القرآني بكل تواضع، ولا نزعم الأسبقية في هذا؛ فإن هناك جيلا من الأساتذة والباحثين أنفقوا جُلَّ أعمارهم وعلمهم فيما أنفقت فيه عمري في عشق القرآن الكريم ودراسة أسلوبه وبراعته وجزالته، وانسياب آياته وتراكيبه بما حظيت به من جمال في صياغتها، وقدرة في تفردها عن لغة البشر؛ وقد تناولت الدراسة الحالية في فصليها الأول والثاني: قضية الأسلوب القرآني كمدخل عامٍ لدراسة خصائص القرآن الكريم، وما يتمتع به من سمات يتفرَّد بها عن غيره، مُرورًا بأسرارِ البلاغةِ القُرآنيةِ، ثم العُروج على دَورِ اللغةِ العَربيةِ وأسرارها البلاغية، والتي اكتسى منها الأسلوب القُرآني جمالياته من خلال استعراض قضايا متعددة، مثل: “التوازن الأسلوبي”، و”الإعجاز في أساليب التوكيد بالقرآن”، و” التنويع الأسلوبي”، وقد اختتمت الدراسة عرضها بفصلها الأخير:” الفواصل القرآنية “.. وقد حاولت الدراسة الحالية أن تُعالج بعض القصور الذي وقعت فيه عددٌ من الدراسات السابقة أثناء طرحها قضية جماليات الأسلوب القُرآني؛ إذ أكثرت بعض هذه الدراسات من الشواهد التطبيقية دُونَ الاهتمام بِجَانبِ التَّأصيلِ النَّظَري. كذلك تكرار الشواهد الواردة ببعض من هذه الدراسات رُغم ثراء القرآن العظيم بالنماذج والأمثلة، إضافةٍ إلى ما لمسناه من خللٍ واضح ببعضٍ هذه الدراسات في محاولتها استقصاء مَا تَمَّ اكتشافه واستنباطه من خصائص الأسلوب القرآني؛ حيث نجد أنَّ كُلَّ دراسة تُورد ما يرتضيه صاحب البحث من خصائص، ويُغفل البقيةُ، أو أنه يعيد تكرارها، كما وردت فيما سبقته من دراسات دُون كثير تَفَكُّرٍ أو تدبرٍ.
كما أن البحث اعتني في دراسته هذه بتجميع كل ما توصل إليه علماء العربية من خصائص لأسلوب القرآن الكريم مع الاتفاق عليها، إضافةً إلى ما مَنَّ الله به علينا من استنتاجٍ لكثيرٍ من خصائص الأسلوب القرآني، ويأتي ذلك متوازيا مع اهتمام الباحث بِكلِّ خِصيصةٍ مِنْ خصائص الأسلوب القرآني وشرحها شرحًا وافيًا وتوفيتها حقها من جميعِ الجِهاتِ، ثم التطبيق عليها بشواهد وفيرة مِن كِتابِ اللهِ الكريم، ونحن في عرضنا إيَّاها قد عُنينا بطريقةِ العرضِ التي تُيسِّر الأمرَ أمام القارئ العام، ومن هنا فإنَّ دراستنا هذه رغم عُمق موضوعها فإنها تناسب – على حدٍّ سواء – القارئ العام من ناحية، والمتخصص في الدراسات القُرآنية والأسلوبية من ناحية أخرى، ولعل هذا من أهم أهدافنا التي نرجوها خِدمةً لِكتاب الله العظيم، ونشرهِ بينَ الناس؛ إعلاء لكلمة الله في أرضه، ونشرا لدينه بين خلقه. وتطبيقًا لهذا الهدف فإننا عمدنا في كُلِّ خِصيصةٍ أسلوبيةٍ، أو ظاهرة بلاغية إلى استقراء كل ما ورد على لسانِ عُلماءِ العربيةِ، وما أثبتوه في كُتبهم، فقمنا بإعادةِ ترتيبه وصوغه بطريقة عرضٍ شائقةٍ ماتعةٍ مع التقديم لِكُلِّ خِصيصةٍ بما يناسبها ويُقربها من ذهن المُتلقِّي. ثم تناول الباحث كُلِّ عُنصرٍ بالتأصيلِ والشرحِ والتحليلِ والتطبيقِ، وعلى هذا فإنَّ كتابنا هذا إضافةً إلى كَونِهِ دراسة موضوعية وتحليلية لخصائص الأسلوب فإنه يعدّ – كذلك – مُعجمًا يضمُّ بين دَفتيهِ ما قد تُوصِّل إليه – حتى الآن – من خصائص تُميِّز أسلوب القرآن عن غيره من أنماط الكلام المختلفة والمعروفة لدى العرب وغيرهم. وقد جاءت هذه الدراسة في فصلها الثالث متناولة أسرار البلاغة القرآنية، وهي محاولة أشبه ما تكون بالغوص في قاع المحيط؛ لِمَا يزخر به كِتابُ الله عزَّ وجلَّ بوجوه إعجاز متعددة لا حصر لها، كمثل دقة القرآن وعنايته بالألفاظ والمفردات، ووضع كل لفظة في موضعها المناسب، بحيث لا نستطيع بأيِّ حَالٍ مِنْ الأحوال إزالة لفظة، ووضع بدلاً منها لفظة أخرى، وإلا اختلف المعنى حتى ولو خُيِّل إلينا ولغيرنا أنَّ الكلمات مُتردافة كما تناولنا أهمية البلاغة القرآنية، وأوجه الإعجاز فيها، مرورا ببلاغة اللفظ القرآني من خلال اتساع دلالته من خلال الجمع بين الحقيقة والمجاز، كما عرجت الدراسة على بلاغة اللفظ القرآني من خلال جمعه بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي. كما عُنيت الدراسة باللفظ القرآني والفروق المعجمية بين الألفاظ ومناسبتها للسياق والمقام، كما عرجت – أيضا – إلى قضية المشترك اللفظي، وبلاغة اللفظ القرآني واتساع دلالته من خلال المتواطئ. وجاء الفصل الرابع للدراسة ليتناول قضية البيان القرآني، وهي من أهم أدوات دراسة قضية الأسلوب القرآني بصفة عامة؛ وذلك لما حاز عليه القرآن الكريم من البيان وهو أعظم الرتب، وأرفع المنازل، وبما وصف القرآن الكريم به نفسه هذا.
وقد جاء الفصل الخامس بعنوان: ” التوازن في أسلوب القرآن ولغته ” وتناولت الدراسة في فصلها الخامس عدة مباحث وقضايا، مثل: قضية الاعتدال في القرآن الكريم والوسطية، وقضية توازن القرآن الكريم في أسلوبه من حيث التدرج في المسائل العقدية والتعبدية، وكذلك التوازن في التقديم والتأخير، وقد خُتِمَ الفصل الخامس بقضية جد مهمة وهي: الحذف والإثبات. وجاء الفصل السادس تحت عنوان: ” الجانب الإعجازي في أساليب التوكيد بالقرآن الكريم”، وسر مجيئنا بهذا الفصل هو ما أضافه القرآن الكريم للغة العربية وأساليبها من ثراءٍ وتنوع في الألفاظ والتركيب والأساليب والدلالات، وقد وقع اختيارنا على أسلوب من أساليب اللغة العربية التي أكسبها القرآن الكريم هذا الثراء وذلك التنوع فألبسها ثَوبٍا قشيبا في ليلة عيد لا ينتهي! فكان اختيارنا لأسلوب التوكيد، وكما هو معروف فالتوكيد لا يُؤتَى به إلا لِحَاجَةٍ، وَمِنْ هُنا كانت للتوكيد دواعيه وأسبابه، وقد تناول المبحث الأول القيمة الإعجازية في أسلوب التوكيد بالقرآن، ثم عرجنا في المبحث الثاني إلى أغراض التوكيد، مرورا بالمبحث الثالث وهو أساليب التوكيد الواردة بالجملة الاسمية في القرآن الكريم، وانتهى الباحث في المبحث الرابع وهو أساليب التوكيد الواردة بالجملة الفعلية في القرآن الكريم. وقد جاء الفصل السابع بعنوان: ” التنويع الأسلوبي في القرآني”، وناقش فيه الباحث ما يُعرف باسم ظاهرة “المُغايرة الأسلوبية” وهي من أهم دلالات إعجاز القرآن الكريم؛ لما تتناوله من ظواهر ترتبط ارتباطا وثيقًا بالبلاغة القرآنية، ودقة القرآن في نظمه وتراكيبه ودلالاته، وتناولنا في هذا الفصل في مبحثه الأول التنويع الأسلوبي وتعدد المصطلحات، ثم عطفنا إلى التنويع الأسلوبي في مجال البناء النحوي، ثم التنويع الأسلوبي في مجال الضمائر، والتنويع الأسلوبي في مجال العدد، مرورا بالمبحث الخامس: التنويع الأسلوبي في مجال الأدوات، وانتهت الدراسة في هذا الفصل بمبحثها التنويع الأسلوبي في مجال الصيغ. وفي نهاية الدراسة تناولنا فصلا خاصا بقضية ” الفواصل القرآنية”، وهي قضية قديمة متجددة؛ لما تثيره من مسائل شائقة وفق مجموعة من العناصر، مثل: تحديد مصطلحها لغة واصطلاحا، ودراسة الخلاف حول مُصطلح الفواصل القرآنية، وبيان كيفية تحديد الفواصل القرآنية وطرق معرفتها، مرورا بأهمية الفواصل القرآنية وأغراضها وفوائدها وأقسامها وأنواعها وأنماطها وأشكالها. وقد عُنيت الدراسة – أيضا – بالبناء التركيبي للفاصلة القرآنية نحويا وصرفيًّا ودلاليا، وإظهار أسباب تعنت بعض العلماء والباحثين في فهم الفواصل القرآنية وتفسيرها وتحليلها ونتائج ذلك، كما عرجت إلى بعض الدراسات الإحصائية التي دارت حول الفواصل القرآنية ونتائجها ودلالاتها، ثم انتقلت الدراسة إلى الخصائص المميزة للفواصل القرآنية.